عبد القادر طحان قائد جهاز الأمن العام: هل يغسل “التاريخ الجهادي” بالمنصب؟
موقع الحل السوري الأخباري -

في تحول لافت يطرح علامات استفهام حول مستقبل سوريا الجديدة، برز اسم عبد القادر طحان كقائد لجهاز الأمن العام في البلاد التي يقودها الرئيس الانتقالي أحمد الشرع. هذا التعيين يثير جدلًا واسعًا بالنظر إلى مسيرة طحان الطويلة والمعقدة داخل صفوف فصائل جهادية مصنفة على قوائم الإرهاب، وعلى رأسها “هيئة تحرير الشام”.

من حلب إلى قيادة القطاع الشمالي.. صعود في التنظيمات الجهادية

ولد عبد القادر طحان في مدينة حلب، وبدأ مسيرته العسكرية كقائد لـ “كتيبة القدس”، وهي فصيل مسلح قاتل نظام بشار الأسد في بدايات “الثورة السورية”. سرعان ما صعد نجمه داخل صفوف المعارضة المسلحة، وقاد كتائبه للانضمام إلى “جبهة النصرة” في عام 2015، في خطوة تعكس تحالفات استراتيجية ضمن المشهد السوري المعقد وقتئذ.

مع تطور “جبهة النصرة” وتحولها إلى “هيئة تحرير الشام” عبر سلسلة من الاندماجات، حافظ طحان الذي عرف أيضا بأسماء عدة، منها “أبو بلال قدس” و”عبد الله الآغا – أبو عامر” على موقعه القيادي، بل وترقى ليصبح قائدًا للقطاع الشمالي في التنظيم، وخلال هذه الفترة، كان له دور محوري في العمليات العسكرية التي خاضتها الهيئة في شمال سوريا.

“خلايا خلف الخطوط”: بصمة استراتيجية في معارك حلب؟

تشير المعلومات، إلى أن عبد القادر طحان، لعب دورًا قياديًا في ما عُرف بـ “خلايا خلف الخطوط” في حلب. وبلغت هذه العمليات ذروتها، في معركة أسفرت عن اقتحام المدينة وتصفية “غرفة العمليات والتحكم” التابعة لقوات النظام السوري السابق آنذاك.

هذه العملية تحديدًا، سهّلت بشكل كبير دخول قوات المعارضة السورية المسلّحة إلى حلب، وكانت نقطة انطلاق لمعركة “ردع العدوان” التي قادت لاحقًا إلى سقوط نظام بشار الأسد في 8 ديسمبر 2024.

عبد القادر طحان.. تأسيس جهاز الأمن العام وقيادته في سوريا الجديدة

استمر طحان في صفوف “هيئة تحرير الشام” حتى عام 2018، العام الذي شهد تأسيس جهاز الأمن العام، وكان أحد مؤسسيه الرئيسيين، وعند تأسيس الجهاز، تولى مسؤولية مهامه في أرياف مدينة حلب، وهي منطقة كانت خاضعة لنفوذ “هيئة تحرير الشام” لفترة طويلة.

اليوم، وبعد سقوط نظام الأسد وتولي أحمد الشرع رئاسة المرحلة الانتقالية، يقود عبد القادر طحان جهاز الأمن العام في سوريا الجديدة، وقد ظهر علنًا في عدة مناسبات، من بينها افتتاح مطار حلب، مما يرسخ صورته كشخصية نافذة في المشهد الأمني الجديد.

ويتبع جهاز الأمن العام حاليًا إلى وزارة الداخلية السورية التي يقودها أنس خطاب، وهو قيادي بارز أيضًا سابقًا في “هيئة تحرير الشام”.

مخاوف مشروعة

تولي عبد القادر طحان قيادة جهاز الأمن العام في سوريا الجديدة، بالنظر إلى تاريخه في صفوف تنظيمات مصنفة إرهابيًا، يثير سلسلة من المخاوف المشروعة التي يجب أخذها بعين الاعتبار في سياق بناء دولة قانونية ديمقراطية.

من بين المخاوف، تأثير الإرث الجهادي على عمل الجهاز، فهناك خشية حقيقية من أن تؤثر الخلفية الأيديولوجية والتنظيمية لطحان على عمل جهاز الأمن العام، فضلًا عن آثار غياب المساءلة عن الماضي، وما قد ينتج عنه من احتمالية استمرار ثقافة الإفلات من العقاب.

تحديات بناء الثقة الشعبية والدولية هي من بين المخاوف أيضًا، فمن الصعب بناء ثقة شعبية ودولية في نظام يقوده جزئيًا أشخاص لهم تاريخ في تنظيمات متطرفة، هذا ناهيك عن مخاطر عسكرة الدولة المدنية عبر تولي قيادات عسكرية وأمنية سابقة مثل طحان لمنصب رفيع، قد يؤدي إلى عسكرة الدولة والمجتمع.

انتهاكات جهاز الأمن العام المستمرة: اختبار لمصداقية سوريا الجديدة!

واقعيًا، تتصاعد المخاوف مع تعدد التقارير التي تتهم جهاز الأمن العام، بقيادة عبد القادر طحان، بالتورط في انتهاكات وجرائم خطيرة ضد المدنيين السوريين، لا سيما مجازر الساحل السوري التي وقعت في مارس الماضي ضد العلويين، وفي شهر مايو الحالي من انتهاكات طالت الدروز في جرمانا بريف دمشق.

تمثل هذه الاتهامات، اختبارًا حقيقيًا لمصداقية سوريا الجديدة والتزامها بحماية حقوق الإنسان، وهنا لا بد من القول، إن التعامل الشفاف والحازم مع هذه الاتهامات، ومحاسبة المتورطين، يمثل ضرورة قصوى لاستعادة ثقة أطياف الشعب السوري والمجتمع الدولي.

بالمجمل، فإن مسيرة عبد القادر طحان تمثل قصة صعود معقدة، فبينما يمكن تفسير تعيينه في سياق الحاجة إلى الاستقرار، إلا أن ذلك يطرح تحديات جوهرية أمام بناء دولة قانونية ديمقراطية، فتجاوز إرث الماضي الجهادي وبناء مؤسسات أمنية تخضع للمساءلة، يتطلب خطوات واضحة وجريئة.



إقرأ المزيد