استيلاء على منازل في حي عش الورور بدمشق تحت التهديد بالاعتقال والضرب
موقع الحل السوري الأخباري -

في ظل التفلت الأمني واستمرار الانتهاكات شبه اليومية بحق المدنيين في العديد من المناطق السورية، ورغم التوترات الطائفية المحتشنجة وعمليات القتل العشوائي، بدوافع طائفية وانتقامية التي تشهدها البلاد منذ أشهر عدة، تبرز حوادث من نوع آخر لا تقل خطورة، تتمثل في الاستيلاء القسري على منازل المدنيين، تحت تهديد الاعتقال والضرب، من قبل مجموعات مسلّحة محلية يقال إنها محسوبة على السلطات بدمشق.

ووفقا لما وثقته مصادر محلية، إضافة إلى “المرصد السوري لحقوق الإنسان”، فقد جرى الاستيلاء على أكثر من 50 منزلا في حي عش الورور شمال شرق العاصمة دمشق، في حملة وصفت بـ”الممنهجة”.

دمشق: استيلاء على منازل المدنيين

وفق “المرصد السوري“، يُواجه عشرات السكان في حي عش الورور شمال شرق دمشق، عمليات استيلاء ممنهجة على منازلهم من قبل مجموعات مسلّحة محلية، وسط اتهامات لمختار الحي، المنحدر من منطقة برزة، بـ”التواطؤ” مع تلك المجموعات، وتسهيل عمليات السيطرة على الممتلكات دون مستند قانوني.

ويشير “المرصد السوري” إلى أن السكان أُجبروا على إخلاء منازلهم قسرا، تحت تهديد التوقيف أو الاعتقال، بناءً على تهم معدّة مسبقا مثل “الضلوع في جرائم خلال فترة النظام السابق” أو “التشبيح”، ما يجعلهم عرضة للملاحقة الأمنية. 

وذكر شهود آخرون أن من حاول الاعتراض أو المطالبة بحقه، تعرّض للإهانة والضرب، فيما اختار البعض مغادرة الحي نهائيا تفاديا لمزيد من الانتهاكات.

ورغم تصاعد هذه الحوادث، يمتنع كثير من المتضررين عن تقديم شكاوى رسمية أو الكشف عن هوياتهم، خوفا من الانتقام أو الاعتقال، في ظل غياب أي ضمانات قانونية أو حماية فعلية من السلطات.

وأكدت مصادر محلية وقوع هذه الانتهاكات، مشيرة إلى أن عددا من سكان حي عش الورور اضطروا إلى بيع منازلهم بأسعار “رخيصة”، في محاولة لتجنّب مصادرتها أو الاستيلاء عليها قسرا. 

وأضافت المصادر ذاتها وفق متابعة “الحل نت” أن العديد من العائلات غادرت الحي باتجاه مناطق يرونها أكثر أمانا، هربا من التهديدات والمضايقات المتصاعدة، وسط غياب أي إجراءات رادعة من قبل السلطان.

تبريرات لمصادرة المنازل

وفي محاولة لتبرير أفعالها، تزعم المجموعات المسيطرة أن الأراضي التي تقع عليها هذه المنازل تعود ملكيتها لهم، أو أنها صودرت سابقا من الدولة. إلا أن معظم هذه العقارات، بحسب مصادر محلية لـ”المرصد السوري”، تندرج ضمن فئة “أملاك الدولة” أو “أراضٍ بصفة انتفاع أو وضع يد”، ولا تحمل وثائق ملكية رسمية (طابو)، ما يسهل لعمليات الاستيلاء وفرض السيطرة عليها، وسط غياب الشفافية القانونية وغياب دور مؤسسات الدولة في حمايتها.

وفي شهادة أحد السكان “للمرصد السوري”، أكد فيها عجز الأهالي عن مواجهة هذه المجموعات المسلحة، مشيرا إلى أن العديد من العناصر المشاركة في الاستيلاء هم من أبناء الحي الذين كانوا قد غادروه خلال سنوات الحرب، ثم عادوا لاحقا وفرضوا سيطرتهم بقوة السلاح، في ظل غياب واضح لأي رقابة أو محاسبة قانونية.

ويقول “المرصد السوري”، أن هذه الانتهاكات تُعكس حالة من الفوضى القانونية وغياب المحاسبة في بعض الأحياء الواقعة في دمشق، ما يزيد من معاناة السكان ويقوّض ثقتهم بأي مساعٍ رسمية لاستعادة حقوقهم أو تأمين الحد الأدنى من الأمان والاستقرار في مناطقهم.

استمرار عمليات القتل والخطف

وفي سياق ذي صلة، أقدم مسلّحون خلال الأيام الماضية على اقتحام مقر المجلس المحلي في حي عش الورور بدمشق، حيث قاموا بإطلاق النار داخل المبنى، ما أسفر عن مقتل أربعة أشخاص، يُقال إنهم من أبناء الطائفة العلوية، وفقا لمصادر محلية.

ويأتي هذا الحادث في ظل تصاعد الانتهاكات بحق المدنيين في مناطق متعددة من سوريا، سواء عمليات القتل العشوائي بدوافع طائفية وانتقامية، أو حوادث الخطف المتكررة، لا سيما في الساحل السوري، ومدينة حمص وسط سوريا، ومناطق سهل الغاب في ريف حماة.

وفي ضوء هذه التطورات، تتزايد الدعوات للسلطات في دمشق إلى تحمّل مسؤولياتها ووضع حد لتلك الانتهاكات، التي تهدد بتوسيع الفجوة بين المجتمع السوري، وتقويض فرص السلم الأهلي.

ولا شك أن هذه الحوادث العنيفة والعشوائية تعكس هشاشة الوضع الأمني ​​في العديد من المناطق السورية، وتفتح الباب أمام المزيد من التصعيد. فيما يبدو أن غياب المحاسبة وتجاهل السلطات السورية الجديدة لنداءات الأهالي بتوطيد الأمن والاستقرار وضبط هؤلاء المسلحين المنفلتين، وفتح تحقيقات جدية حيال هذه الحوادث، سيزيد حتما الشعور لدى المدنيين بأن الدولة لا تملك القدرة أو ربما متواطئة في انتشار هذه الفوضى الأمنية.

ويُحذر الخبراء من أن استمرار هذا النهج قد يُدخل سوريا في دوامة لا تنتهي من العنف المتبادل، ويؤخر فرص الاستقرار وإعادة بناء الثقة بين مكونات المجتمع.



إقرأ المزيد