موقع الحل السوري الأخباري - 5/8/2025 8:32:26 PM - GMT (+2 )

في حين أعلنت وزارة الخارجية اللبنانية، اليوم الخميس، أنها تسلّمت نسخة من وثائق وخرائط الأرشيف الفرنسي الخاص بالحدود اللبنانية-السورية، أجرى رئيس الحكومة اللبنانية، نواف سلام، جولة تفقدية شملت مناطق في البقاع والمعابر الحدودية بين لبنان وسوريا.
وشدد سلام خلال جولته الحدودية على أن “الإصلاح يبدأ من استعادة الدولة الكاملة إدارة حدودها، وتحويلها إلى بوابات مشرّعة للشرعية والانتظام، لا منفذا للفوضى والتجاوز”.
وتعيد هذه التحركات مسألة ترسيم الحدود اللبنانية-السورية إلى صدارة النقاش السياسي، وسط ضغوط داخلية وخارجية لإعادة ضبط المعابر ووقف التهريب وضبط الحدود الشرقية للبلاد.
حدود لبنان وسوريانحو ذلك، ذكرت “الخارجية اللبنانية”، في حسابها على منصة “إكس“، أن الوزير يوسف رجي تسلم الوثائق والخرائط من سفير فرنسا في بيروت هيرفيه ماغرو، وذلك بناء على طلب لبنان، مضيفة أن هذه الوثائق والخرائط ستساعد لبنان في عملية ترسيم حدوده البرية مع سوريا، في خطوة يُنظر إليها على أنها دعم تقني لمساعي بيروت في ترسيم الحدود مع دمشق.
في سياق متصل، تفقد رئيس الحكومة اللبنانية، نواف سلام مكتب التعاون والتنسيق بالجيش اللبناني في رياق، حيث اطلع على الجهود التي تبذلها المؤسسة العسكرية لمتابعة أوضاع الحدود الشرقية، وفق ما أوردته صحيفة “الشرق الأوسط” نقلا عن “رئاسة مجلس الوزراء اللبناني”.
وشدد سلام، خلال جولته الميدانية التي شملت أيضا معبر “المصنع” الحدودي ومواقع عسكرية حدودية في بعلبك – الهرمل، على أن إدارة المعابر الرسمية تشكّل خط الدفاع الأول عن السيادة اللبنانية والاستقرار الداخلي.
وفي تصريحات أدلى بها من معبر “المصنع” الحدودي، وصفه سلام بأنه “منفذ حيوي للبقاع ولبنان بأكمله”، داعيا إلى إدارته وفق أعلى المعايير التقنية والأمنية، بعيدا عن العشوائية والاستنسابية.
وأكد سلام على أن “المعابر الرسمية هي مرآة السيادة، وانتظام العمل فيها ضرورة لحماية الاقتصاد الوطني من الممارسات غير الشرعية التي استنزفت موارد الدولة وأضعفت ثقة المواطن بها”.
لماذا ترسيم الحدود الآن؟كما وكشف سلام عن خطط قيد التنفيذ لتركيب أجهزة تفتيش متطورة (سكانرز) في المعابر الحدودية لتسهيل حركة التصدير وضمان الشفافية، معتبرا أن تحويل هذه النقاط من “مواطن ضعف إلى رموز لحيوية الدولة” يمثل الخطوة الأولى في مسار الإصلاح واستعادة الدولة لإدارتها الكاملة لحدودها.
وشملت جولة سلام أيضا زيارة مركز الشعيبة في جرود بعلبك، حيث عقد اجتماعا مع ضباط الجيش، مطلعا على الإجراءات المتخذة لحماية الحدود ومنع التهريب. كما تفقّد مركز بوفارس الحدودي، واطلع على برج المراقبة والتدابير العسكرية الميدانية لضبط الحدود مع سوريا.
هذا وزار رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام العاصمة السورية دمشق في 14 نيسان/أبريل الفائت. وخلال لقائه الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية أحمد الشرع، ناقش عدة قضايا، كان أبرزها ترسيم الحدود بين البلدين.
وفي ضوء ذلك، يمكن القول إن زيارة نواف سلام للمناطق الحدودية، واستلام لبنان خرائط من فرنسا لدعم عملية ترسيم الحدود، يشيران إلى أن الدولة اللبنانية تسعى لإنهاء هذه المسألة، التي لطالما شكّلت مسرحا للتهريب والتفلّتات الأمنية، فضلا عن اندلاع نزاعات مسلّحة من حين لآخر.
وبالتالي، يبدو أن بيروت ترى في ترسيم الحدود حاليا حاجة ملحّة لضبط الأمن ووقف استنزاف الاقتصاد، خاصة وأن أي اضطراب أمني في دمشق من شأنه أن ينعكس سلبا على لبنان والمنطقة ككل، وسط ما يدور من توترات أمنية ذات طابع طائفي في سوريا مؤخرا.
وكان رئيس الحكومة نواف سلام قد أوضح أنه اتفق مع الجانب السوري، خلال زيارته الأخيرة إلى دمشق، على مكافحة التهريب وترسيم الحدود على أساس مسار جدة، الذي لا يُعدّ سوى خطوة نحو “المضي قدما في مسار تقارب قائم على منطق الحوار المتكافئ، ضمن مبدأ احترام سيادة كل دولة، وإنهاء دور أي قوة إقليمية غير عربية أو دولية تعمل على تقويض هذا المبدأ، أو تسعى لإعادة إنتاج مواجهة بين البلدين تهدد الاستقرار في الشرق الأوسط”.
ما علاقة زيارة الشرع لفرنسا؟وفي ضوء زيارة الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية أحمد الشرع إلى باريس أمس الأربعاء، من المحتمل أن تكون مسألة ترسيم الحدود مع لبنان قد طُرحت خلال اللقاءات هناك، وهو ما قد يفسّر تسليم فرنسا وثائق وخرائط من أرشيفها لبيروت، في خطوة قد يُنظر إليها كبداية ضغط دبلوماسي على دمشق للتجاوب مع أي مسعى تفاوضي مستقبلي.
وبالعودة إلى زيارة سلام إلى الحدود مع سوريا اليوم، فإنها تحمل رسالة واضحة ومزدوجة: للداخل اللبناني بأن الحكومة عازمة على فرض النظام، وللخارج بأن لبنان يسعى لضبط حدوده وفقا للمعايير الدولية، وفي إطار واضح من السيادة والتعاون، ومنع أي أطراف خارجية من استخدام البلاد كأداة لأجنداته السياسية أو العسكرية بما يقوض من استقرار وأمن البلاد.
ويبدو أن اللحظة الإقليمية والدولية الحالية مواتية لإنهاء ملف ترسيم الحدود بين لبنان وسوريا، ووضع أسس دستورية جديدة لتنظيم العلاقة بين البلدين.
إقرأ المزيد