عنب بلدي - 11/16/2025 7:18:15 PM - GMT (+2 )
عنب بلدي – رأس العين
يواجه مزارعو القطن في مدينتي رأس العين وتل أبيض شمالي سوريا “استغلالًا” من قبل التجار الذين يشترون محصولهم بأسعار زهيدة لا تغطي تكاليف الإنتاج، بينما لا تتدخل الجهات المعنية والحكومة السورية لشراء محاصيلهم.
مزارعو المنطقة معرضون لخسائر “كبيرة”، خاصة مع انخفاض أسعار الشراء، إذ يتراوح سعر الطن بين 500 و550 دولارًا أمريكيًا.
ويخشى المزارعون من استمرار تراجع الأسعار دون وجود تدخل حكومي لضمان تسويق محصولهم بأسعار عادلة، الأمر الذي قد يدفع كثيرين للعزوف عن الزراعة في الموسم المقبل.
سعر لا يناسب التكاليفزرع عمران السلوم من قرية تل ذياب شرقي رأس العين القطن على مساحة 40 دونمًا (يساوي الدونم الواحد 1000 متر مربع)، إلا أن إنتاج الدونم الواحد لم يتجاوز 220 كيلوغرامًا، بعد أن كان في المواسم السابقة يتراوح بين 450 و500 كيلوغرام.
وأثقلت الأسعار التي فرضها التجار كاهل عمران، إذ قال إن تكلفة زراعة الدونم الواحد تصل إلى نحو 72 دولارًا، وهي لا تغطي حتى نفقات الزراعة من محروقات وأسمدة وأجور عمال.
وطالب عمران الحكومة السورية بالتدخل، وشراء القطن من المزارعين بأسعار منصفة تضمن استمرارهم في الزراعة، وتخفف عنهم الخسائر الكبيرة التي تكبدوها هذا الموسم.
من جانبه، وصف عادل العساف، من قرية الطويحينة شمالي تل أبيض، سعر القطن الذي حدده التجار بأنه “عملية نصب” على الفلاحين، وقال لعنب بلدي، إن السعر المعلن لا يتناسب مع التكاليف الزراعية التي تكبّدها في أرضه المزروعة بمساحة 50 دونمًا، والتي لم ينتج منها سوى عشرة أطنان فقط.
وأضاف أن موسم القطن هذا العام أثقل كاهله بالديون التي تجاوزت 7000 دولار أمريكي، وهو مبلغ يعجز عن سداده.
وبعد فقدانه الأمل في تعويض خسائره، اضطر إلى بيع نحو 20 دونمًا من أرضه الزراعية لتسديد الديون الناجمة عن الموسم الخاسر، إلى جانب السعر المنخفض الذي وصفه بـ”الكارثي”.
ووفقًا لتقرير سابق أعدته عنب بلدي، تضرر الموسم هذا العام بسبب دودة القطن بنحو 40% من المحصول في رأس العين، الذي قُدّرت مساحته بـ70 ألف دونم، بحسب ما ذكره رئيس مدير الزراعة والثروة الحيوانية، عمر حمود، حينها.
750 دولارًا لتغطية التكاليفالمهندس الزراعي معصوم الحلي، الذي يمارس عمله منذ 15 عامًا في رأس العين وتل أبيض، قال لعنب بلدي، إن هذا الموسم سجل انخفاضًا غير مسبوق في إنتاج وأسعار القطن منذ عام 2008.
وأضاف أن نحو 90% من المحاصيل لم يتجاوز إنتاجها 200 كيلوغرام للدونم الواحد، وهو معدل منخفض بشكل كبير مقارنة بالمواسم السابقة.
وأوضح أن زراعة القطن تصبح غير مربحة إذا كان الإنتاج أقل من 350 كيلوغرامًا، والسعر المناسب يجب أن يصل إلى 750 دولارًا أمريكيًا للطن على الأقل لتغطية التكاليف.
وأشار الحلي إلى أن غياب الدعم وعدم وجود جهة حكومية لتصريف المحصول يزيدان من معاناة المزارعين، خصوصًا مع اقتصار عمل المجالس المحلية على الخدمات الأساسية وعدم قدرتها على شراء المحاصيل.
وأكثر ما يؤرق قطاع الزراعة في رأس العين وجارتها تل أبيض هو التصحّر الذي ضرب مئات آلاف الدونمات، إلى جانب أراضٍ طالتها تكهفات وانهيارات أخرجتها عن الخدمة، وعززتها عوامل اقتصادية من ارتفاع تكاليف الاستصلاح واستخراج المياه، وعوامل بشرية من استنزاف للمياه الجوفية وتقصير الجهات المسؤولة، وعدم اهتمامها بالتربة والفلاح والمحصول.
تكدس محصول القطنيواجه تجار القطن في رأس العين وتل أبيض صعوبة في تصريف المحصول، بسبب حصار “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) وغياب المنافذ التجارية، ما أدى إلى تكدس كميات من القطن وزيادة الخسائر.
عدنان الإبراهيم، تاجر قطن في رأس العين وتل أبيض، قال لعنب بلدي، إن انخفاض السعر العالمي للقطن وتدني أسعاره خلال العام الماضي والحالي، مع الضيق الجغرافي للمدينتين، هي من أسباب تكدس محصول العام الماضي وانخفاض سعر الشراء الحالي.
وأضاف إبراهيم أنه في العام الحالي لم يشترِ من المدينتين سوى 120 طنًا من القطن، ورغم الكميات القليلة، لم يتمكن من تصريفها خارج حدود المدينتين.
وأشار إلى أن شراء القطن بسعر 700 دولار للطن غير ممكن، إلا في حال تأمين طريق لنقله إلى الداخل السوري أو إلى تركيا.
وتعيش مدينتا تل أبيض ورأس العين حصارًا من قبل “قسد” منذ عام 2019، وذلك عقب عملية “نبع السلام” العسكرية التي أطلقها “الجيش الوطني السوري” بدعم من تركيا (انضم إلى وزارة الدفاع في الحكومة السورية).
وتُعدّ الحدود التركية المنفذ الوحيد للمنطقة إلى العالم الخارجي.
مرتبط
إقرأ المزيد


