مدارس رأس العين تكتظ بالطلاب القادمين من الحسكة
عنب بلدي -

شهدت مدارس مدينة رأس العين، زيادة في أعداد الطلاب القادمين من محافظة الحسكة، بعد توقف التعليم بالمنهاج الحكومي في مناطق “الإدارة الذاتية”، الذراع الحوكمي لـ”قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، والتي تسيطر على شمال شرقي سوريا.

وانضم عدد كبير من الطلاب المسجلين في مختلف المراحل الدراسية من الابتدائية إلى الثانوية، إذ يقدمون امتحاناتهم حسب المنهاج الحكومي المعتمد في المدينة.

مناهج غير معترف بها

ترك محمد السمعو، 52 عامًا، منزله وعمله في محافظة الحسكة ليعود إلى مدينة رأس العين بعد ثمانية أعوام من خروجه منها، نتيجة إيقاف “الإدارة الذاتية” المنهاج الحكومي في الحسكة واعتمادها مناهجها الخاصة.

السمعو قال لعنب بلدي، إن منهاج “الإدارة الذاتية” غير مقبول لديهم لعدة أسباب، أبرزها عدم وجود اعتراف حكومي، وعدم توافقه مع قيمهم الأخلاقية والدينية، حسب وصفه، معتبرًا أنه “تعليم مؤدلج يضم أفكارًا ماركسية بعيدة عن أفكارهم”.

وأشار إلى أن العديد من العائلات تتواصل معه يوميًا، من سكان رأس العين الأصليين ومن أهالي الحسكة، للبحث عن منازل وتسجيل أطفالهم في المدارس الحكومية.

واستأجر عامر السليم، من سكان النشوة الغربية في محافظة الحسكة، منزلاً بقيمة 80 دولارًا شهريًا في مدينة رأس العين، ليكمل أبناؤه الأربعة تعليمهم الثانوي بعد منع “الإدارة الذاتية” التعليم الحكومي في مناطقهم.

وقال عامر لعنب بلدي، إنه دفع 800 دولار لعبور أبنائه إلى رأس العين عبر طرق التهريب لضمان استكمال تعليمهم، خصوصًا أنهم في المرحلة الثانوية.

وبيّن أن السبب يعود إلى عدم توافق منهاج “الإدارة” مع معتقداتهم، وعدم وجود أي اعتراف رسمي به، وابتعاده عن بيئة المنطقة العشائرية والقبائلية.

وأشار أنه يضطر لزيارة أبنائه كل شهر للاطمئنان عليهم، رغم صعوبة الطريق، معربًا عن أمله أن تتراجع “الإدارة الذاتية” عن قرارها وتعيد التعليم الحكومي لتمكين أبنائه من العودة إلى الحسكة.

ويجد الأهالي في مناطق سيطرة  “قسد” أنفسهم مضطرين للانتقال إلى مدينة رأس العين أو مناطق أخرى داخل سوريا لضمان استمرار تعليم أبنائهم، بعد توقف التعليم الحكومي واعتماد مناهج غير معترف بها رسميًا لا تتوافق مع قيمهم.

وأبلغت هيئة التربية والتعليم في “الإدارة الذاتية” المدارس الخاصة والعامة بأن منهاج الحكومة السورية لن يُسمح بتدريسه في أي مؤسسة ضمن مناطق سيطرتها، شمال شرقي سوريا، منذ بداية العام الدراسي الحالي.

وأصدرت قرارًا بتوحيد المنهاج الذي وضعته سابقًا.

أزمة مستمرة

تشكّل قضية التعليم في شمال شرقي سوريا تحديًا كبيرًا، حيث يواجه الأهالي صعوبات في توفير تعليم مستقر لأبنائهم، وتتفاقم الأزمة بسبب التناقضات بين المناهج التعليمية المختلفة، ما يؤدي إلى نتائج سلبية على المجتمع، أبرزها ارتفاع معدلات الجهل والانحراف.

وكانت “الإدارة” فرضت منذ العام 2020 منهاجًا تعليميًا في المناطق الخاضعة لها بدير الزور والحسكة والرقة وحلب، إلا أنه قوبل بالرفض من قبل بعض السكان، وشهدت المنطقة لسنوات احتجاجات على سير العملية التعليمية.

اكتظاظ في الصفوف

تكتظ مدارس رأس العين بالطلاب القادمين من الحسكة بعد توقف التعليم الحكومي هناك، وزاد عدد الطلاب في كل صف بما يقارب 10 إلى 15 طالبًا، بحسب مدير مدرسة “عبد الكريم كوسا” برأس العين، عامر كنو.

كنو قال لعنب بلدي، إن المدرسة سجلت زيادة في أعداد الطلاب منذ توقف التعليم الحكومي في مناطق سيطرة “قسد”، وإن إدارة المدرسة عملت منذ بداية قدوم الطلاب على توفير احتياجات الطلاب من مقاعد ومستلزمات دراسية، أهمها الكتب.

وذكر أنه نتيجة الضغط الكبير على المدرسة، تم تقسيم الدوام على فترتين صباحية ومسائية لتنظيم الصفوف وتخفيف الاكتظاظ، مع ضمان استمرار العملية التعليمية.

بدوره رئيس المجلس المحلي لمدينة رأس العين، محمد حمزة، قال لعنب بلدي إن مديرية التربية والتعليم في المجلس المحلي سجلت ما يقارب 1020 طالبًا قادمًا من مناطق سيطرة “قسد” لإكمال تعليمهم في المدينة.

وأوضح أن المجلس المحلي، من خلال مكتب التربية والتعليم، سعى لتقديم كل التسهيلات للطلاب القادمين من الحسكة والرقة وجميع المناطق الخاضعة لسيطرة “قسد”، وأهمها قبول تسجيل الطلاب واستخراج الوثائق الرسمية لهم.

وأشار إلى أنه بالتعاون مع عدة جمعيات، تم توزيع قرطاسيات ومستلزمات مدرسية للطلاب الوافدين، مع متابعة احتياجاتهم لضمان استمرار تعليمهم بشكل منتظم.

وتقع رأس العين بمحاذاة الحدود التركية، وتسيطر عليها الحكومة السورية، بينما تحيط بها جبهات القتال مع “قسد”، إذ يعتبر منفذها الوحيد نحو الخارج هو الحدود التركية.

إلغاء “منهاج الحكومة” يعمق أزمة التعليم شمال شرقي سوريا

مرتبط



إقرأ المزيد