عنب بلدي - 11/23/2025 2:28:07 PM - GMT (+2 )
عنب بلدي – عمر علاء الدين
أثار الاقتحام المفاجئ للجنوب السوري من قبل رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في 19 من تشرين الثاني الحالي، ردود فعل محلية ودولية، وبينما أبدى سوريون عبر وسائل التواصل الاجتماعي استياء واسعًا من هذا الاقتحام، أدانت الخارجية السورية في بيان لها “الزيارة غير الشرعية”.
وتتالت الإدانات الدولية لهذه “الجولة” التي اعتبرها الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، “مقلقة”، بينما اعتبرتها الخارجية القطرية “تعديًا سافرًا على سيادة سوريا، وانتهاكًا صارخًا للقانون الدولي وتهديدًا خطيرًا للأمن الإقليمي”.
وأشار الأردن إلى “رفضه المطلق وإدانته الشديدة لهذا الانتهاك الخطير الذي يمثل مساسًا بسيادة دولة عربية، وتصعيدًا استفزازيًا”.
عنب بلدي سألت متخصصين حول أهداف نتنياهو ووفده الذي ضم وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، ووزير الخارجية، جدعون ساعر، ورئيس هيئة الأركان، إيال زامير، من هذه الزيارة.
منع “7 أكتوبر جديد”رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، قال في مقابلة مع منصة محلية، في 20 من تشرين الثاني الحالي، إن زيارته للمنطقة العازلة على الحدود السورية، جاءت للتأكد من “جاهزية إسرائيل لمنع تكرار هجوم 7 من تشرين الأول عبر حدودها مع سوريا“.
وأضاف، “كنت هناك للتأكد من جاهزية الوضع الأمني”، مشيرًا إلى هذه الزيارة “لن تؤثر على فرص الوصول لاتفاق مع سوريا”، قائلًا إن “لسوريا مصلحة أكبر من إسرائيل في التوصل إلى اتفاق أمني معنا”.
وأعلن نتنياهو أن إسرائيل “لن تسمح بنشوء أي تهديدات في منطقة جنوب غربي سوريا”، مشددًا على تصميم حكومته على “حماية حلفائنا في السويداء وجبل الدروز”.
وزارة الخارجية السورية في بيانها اعتبرت أن زيارة “رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي” إلى الجنوب السوري، تمثل “محاولة جديدة لفرض أمر واقع يتعارض مع قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وتندرج ضمن سياسات “الاحتلال”، الرامية إلى تكريس عدوانه واستمراره في انتهاك الأراضي السورية.
وأكد البيان أن سوريا تجدد مطالبتها “الحازمة” بخروج ما وصفته بـ“الاحتلال الإسرائيلي” من الأراضي السورية.
واعتبرت الوزارة أن جميع الإجراءات التي تتخذها إسرائيل في الجنوب السوري “باطلة وملغاة”، ولا ترتب أي أثر قانوني وفقًا للقانون الدولي.
ودعت الخارجية السورية في بيانها المجتمع الدولي للاضطلاع بمسؤولياته، وردع “ممارسات الاحتلال”، وإلزامه بالانسحاب الكامل من الجنوب السوري، والعودة إلى اتفاقية فض النزاع 1974.
رسالة مزدوجة للشرع وترامبهناك رسالة أراد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إيصالها من زيارته إلى الجنوب السوري، تقول للرئيسين، السوري أحمد الشرع، والأمريكي دونالد ترامب، إن إسرائيل لن تتنازل عن مطالبها، وفق تحليل لصحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية.
واعتبرت الصحيفة أن الزيارة جاءت ردًا على “المواقف المتشددة” التي أبداها الشرع ضد الوجود الإسرائيلي في المنطقة، وردًا على ترامب وإدارته التي تماشت مع رغبات الشرع بالوصول إلى اتفاق أمني مع إسرائيل، دون الدخول في “الاتفاقات الإبراهيمية”.
وقالت الصحيفة، إن العامل المباشر لجولة نتنياهو كان علامات “الحب والقرب” التي أغدقها ترامب على أحمد الشرع خلال زيارته إلى البيت الأبيض في 10 من تشرين الثاني الحالي، وتجلى هذا “الحب” بحسب الصحيفة، عندما قام ترامب برش عطر فخم على أحمد الشرع ووزير خارجيته.
وبعد زيارة الشرع إلى البيت الأبيض، كان الخوف في إسرائيل هو أن “تتطور إيماءات القرب بين ترامب و”الجهادي الذي تاب” إلى دعم علني لمطالب الشرع، ومن بينها تلك الموجهة لإسرائيل، وفق الصحيفة.
وأضافت أن إعلانًا متحديًا من جانب نتنياهو، ضد مزاج ترامب المتقلب بـ”أنه لن يتنازل عن مطالبه الأمنية بشأن سوريا، لم يكن واردًا”.
الباحث والكاتب السوري علي تمّي، اعتبر أن الهدف من الزيارة هو محاولة “خلط الأوراق بين دمشق وواشنطن”.
ومن الواضح، بحسب ما قاله تمّي لعنب بلدي، أن تل أبيب “منزعجة” من العلاقات الاستراتيجية بين واشنطن ودمشق، بالإشارة إلى الزيارة الأخيرة للرئيس الشرع إلى واشنطن، معتبرًا أن إسرائيل تضغط على سوريا لتوقيع اتفاق أمني والموافقة على شروطها المتمثلة بفتح “ممر إنساني”.
وقال الباحث السوري، إن “دمشق لا يمكن أن تساوم على أي أرض سورية لإرضاء هذا أو ذاك”، لهذا بحسب اعتقاد تمّي، فإن التصعيد “لن يستمر بين دمشق وتل أبيب”، لأن واشنطن وتحديدًا الرئيس ترامب يريد إطفاء كل الأزمات والصراعات في المنطقة، والدفع باتجاه تشكيل تحالف سنّي لمواجهة الصين مستقبلًا.
وهاجم نتنياهو الرئيس الشرع، خلال جلسة المجلس الوزاري المصغر التي عقدت، في 20 من تشرين الثاني الحالي، حيث قال إن الشرع عاد من واشنطن “منتفخًا”.
وأضاف نتنياهو، بحسب ما نقلته هيئة البث الإسرائيلية (كان)، أن الشرع بدأ بـ”فعل كل ما لن تقبله إسرائيل”، وأنه “يسعى إلى جلب قوات روسية إلى الحدود السورية الإسرائيلية”.
في 18 من تشرين الثاني، نقلت هيئة البث الإسرائيلية، عن مصدر سوري لم تسمِّه قوله، إن موسكو تقدمت خلال الأشهر الماضية بمقترح لدمشق يقضي بعودة الدوريات الروسية إلى المنطقة الحدودية، لتعمل كقوة فصل بين القوات السورية والإسرائيلية.
وبحسب المصدر، لم توافق الحكومة السورية حتى الآن على طلب الحكومة الروسية، ولا يزال المقترح قيد النقاش.
مصدر سوري آخر أشار إلى أن احتمال إدخال الوجود الروسي جنوبي سوريا ضمن أي تفاهم أمني محتمل بين دمشق وتل أبيب ليس مستبعدًا، خاصة مع تكثيف الاتصالات السياسية بين الجانبين الروسي والإسرائيلي.
خطوة استباقية واستعراض قوةتثبت الزيارة التي أجراها نتنياهو، وفق الباحث والكاتب السوري درويش خليفة، أن تل أبيب ليست راضية عن الانفتاح الغربي والأمريكي على سوريا، وتعتبره استعجالًا في سبيل الاعتراف بالشرع وحكومته.
واعتبر درويش، في حديثه إلى عنب بلدي، أن هذا الانفتاح لا يروق لإسرائيل قبل تحصيل مكاسب جيوسياسية، مستفيدة من هشاشة الوضع الأمني والاقتصادي والتفسخ المجتمعي الذي يهدد مستقبل سوريا.
ويعتقد درويش أن إسرائيل لن تتوقف عن التدخل العسكري بسوريا في المدى المنظور، مرجحًا تحول نمط التدخل من “ضربات جوية واسعة النطاق” إلى أدوات أكثر انتقائية، مثل “العمليات الخاصة”، واستخدام المسيّرات الاستخباراتية والهجومية، وتفعيل شبكات استخبارية ميدانية.
أما الباحث في المركز “السوري لدراسات الأمن والدفاع” (مسداد) معتز السيد، فاعتبر أن زيارة نتنياهو “رسالة استعراض قوة من إسرائيل”.
وقال السيد لعنب بلدي، ربما تسعى الزيارة إلى تثبيت واقع ميداني جديد في الجنوب السوري، وإظهار أن المنطقة العازلة تحت سيطرة فعلية لها، والانسحاب منها ليس مطروحًا في الوقت القريب.
في الوقت نفسه، قال الباحث السوري درويش خليفة، إنه لا توجد “مؤشرات جدّية” على نية إسرائيل الانسحاب من قمة جبل الشيخ، التي كانت تمثل نقطة إشراف استراتيجية (نافذة) لسوريا على الجولان.
ويعزّز ذلك، بحسب الباحث السوري، فرضية سعي إسرائيل إلى ترسيخ “منطقة أمنية” فعلية، وإن بقيت غير معلنة رسميًا، بعمق يتراوح بين 30 و50 كم داخل جنوبي سوريا، بما يتيح لها رصدًا ناريًا مستمرًا ويهدف إلى “منع تموضع” أو “نشر منظومات تسليحية تهدد الشمال الإسرائيلي”.
رد ضعيف وخيارات محدودةيرى الباحث السوري درويش خليفة أن الرد السوري على زيارة نتنياهو “لا يتناسب مع هذه الخطوة الاستفزازية التي حاول من خلالها نتنياهو النيل من هيبة الدولة السورية”.
واعتبر الباحث أن الرد السوري كان ضعيفًا، وخاصة بوصف دخوله الأراضي السورية على أنه “زيارة غير شرعية”.
ومن زاوية أخرى، قال خليفة، إنه لو كان مستشارًا للرئيس الشرع، لنصحه بجمع قادة الفصائل الذين عيّنوه رئيسًا للمرحلة الانتقالية لتحمل المسؤولية معه في ظل اختلال موازين القوة بين الطرفين، وانعدام فرص المواجهة والرد على ما سماه “الانتهاك الصارخ الذي لا يراعي ميثاق الأمم المتحدة والمادة 51 منه، وكذلك القرارات الدولية المتعلقة بالحالة السورية الإسرائيلية”.
أما الباحث في المركز “السوري لدراسات الأمن والدفاع” معتز السيد، فيرى أن خيارات سوريا العملية محدودة وتظل في “إطار الرد الدبلوماسي”، و”بناء أوراق ضغط طويلة الأمد عبر الحلفاء”.
لكن “الرد الميداني”، بحسب السيد، “مستبعد تمامًا”، لأن أي تصعيد قد يجر سوريا لحرب هي غير مستعدة لها.
واعتبر أن الطرح حول إمكانية انتشار القوات الروسية في الجنوب السوري قد “يحول مسار ملف الجنوب بشكل كامل، ويوقف الانتهاكات المتكررة أو يحد منها”.
مرتبط
إقرأ المزيد


