عنب بلدي - 11/23/2025 3:49:18 PM - GMT (+2 )
درعا – محجوب الحشيش
تشهد الأسواق الرئيسة في مدينة درعا، التي عاد إليها المستثمرون مؤخرًا، ركودًا في حركة البيع، ما أدى إلى شلل في الحياة التجارية.
ومن بين هذه الأسواق “الحجاز مول”، وسوق “شارع الشهداء”، وسوق الخضار، وهي أسواق تعرضت للدمار خلال السنوات الماضية، حيث كانت نقاط مواجهة بين الفصائل المحلية وقوات النظام السوري السابق.
ولا تزال الأسواق العشوائية ذات الترخيص المؤقت تنتشر في المدينة، وهي أسواق فرضتها المعارك خلال السنوات الماضية.
ويربط المستثمرون عودة الحياة للأسواق القديمة بإلغاء تراخيص الأسواق المستحدثة، وترميم الطرق وإنارتها، وتفعيل خط النقل الداخلي إلى ساحة بصرى، التي كانت عقدة مواصلات مدينة درعا قبل عام 2011.
الركود يتسبب في خسارة المستثمرينباع محمد العميان أرضه الزراعية في بلدة تل شهاب بريف درعا الغربي ليستثمر ثلاثة محال لبيع الملابس في سوق “الحجاز مول”.
ذكر العميان لعنب بلدي أن مبيعاته لا تغطي أجور المحال، إذ يصل إيجار كل محل إلى 200 دولار شهريًا، وأحيانًا لا يبيع شيئًا أو يبيع لزبون واحد أو اثنين فقط، ما دفعه للاستغناء عن العمال.
وتوقع سابقًا أن يحرك دخول فصل الشتاء المبيعات، إلا أن الركود مستمر.
خزن محمد الملابس الصيفية التي لم تُبع معه مؤجلًا بيعها للصيف المقبل، لكنه يتخوف من كسادها بسبب “نزول موديلات جديدة”، ما سيعرضه للخسارة ويضطره لبيعها بأسعار منخفضة.
أشار محمد إلى عدم وجود تشجيع على الاستثمار في درعا، فهو يدفع رسومًا للبلدية ويتحمل أجور الكهرباء بقيمة 1600 ليرة سورية للكيلو الواحد.
من جهته، قال علي العبود، صاحب محل أحذية في سوق “الحجاز مول”، لعنب بلدي، إن الحركة جامدة، والسكان يزورون المحال دون شراء.
وأضاف أن عدم بيعه للأحذية في معظم الأيام يعرضه لدفع أجور المحل دون تحصيلها من المبيعات، مشيرًا إلى أن الحركة كانت ضعيفة منذ افتتاح السوق.
منذ حوالي عام، كان خالد المصري، وهو مستثمر في سوق “الشهداء” بمدينة درعا، يأمل في تحسن الأوضاع، لكنه لم يشهد أي تحسن خلال الفترة الماضية، مما دفعه إلى التفكير في إغلاق محله والانسحاب من السوق.
ذكر خالد أن حركة السوق تضعف بشكل شبه تام بعد الساعة الثانية ظهرًا، وأن معظم الباعة يمضون اليوم دون تحقيق أي مبيعات.
ويعزو الأسباب إلى ضعف القدرة الشرائية للسكان، حيث يسأل الزبون عن سعر القطعة ويقارن الأسعار، ولكنه في النهاية لا يشتري شيئًا.
كما أشار إلى أن إيجارات المحال التجارية، رغم ضيق مساحتها، لا تتناسب مع الإيراد اليومي، حيث وصل إيجار المحل في سوق “الشهداء” مؤخرًا إلى 600 دولار.
أسباب الركودالباحث الاقتصادي عبد الحكيم المصري، أرجع ضعف القدرة الشرائية للسكان إلى عدة عوامل، أبرزها إنفاق المدخرات في ترميم المنازل بعد عودة السكان إليها.
وأضاف الباحث، في حديث إلى عنب بلدي، أن لدى السكان أولويات تتقدم على شراء الملابس أو المأكولات، مثل تكاليف المدارس (لباس وقرطاسية)، وكذلك إنفاق جزء من المدخرات على المؤونة ووسائل التدفئة (مازوت أو حطب)، مما جعلهم يصرفون النظر عن الكماليات كالملابس و”الإكسسوارات”.
وقدّر المصري متوسط الدخل العام للأسرة بما يتراوح بين 150 و200 دولار شهريًا، وهو مبلغ غير كافٍ لتغطية نفقات شراء الملابس وغيرها.
وفي سياق متصل، ذكر أمين سر غرفة الصناعة والتجارة في درعا، لعنب بلدي، أن أسباب الركود تشمل ضعف الإنتاج الزراعي بعد عام صعب، وضعف الإنتاج الصناعي الذي لم يستقر بعد التحرير.
بنية متهالكةالمستثمر في سوق “الحجاز مول” علي العبود، تحدث عن البنية التحتية المحيطة بالسوق، والتي ما زالت مدمرة، لتصبح السوق المرممة صرحًا وسط محيط من الدمار، وأضاف أن الخدمات المحيطة بالسوق ضعيفة، حيث تتجمع مياه الأمطار في برك بعد “أولى الزخات”، كما أن الشوارع لا تزال بحاجة إلى ترميم.
محمد العمري، أمين سر غرفة صناعة وتجارة درعا، أشار إلى أن السوق التجارية القديمة مدمرة بنسبة 50% من المحال والأبنية.
وأضاف أن غرفة الصناعة والتجارة، بالتعاون مع المنظمات الدولية، أشرفت على إنارة الشوارع الرئيسية في السوق.
تضم السوق، بحسب العمري، 3000 محل تجاري وعيادات ومكاتب معظمها خارج الخدمة.
وطالب العمري بتفعيل دور النقابات لإعادة العيادات والمكاتب إلى مواقعها الأصلية.
وأشار إلى أن غرفة الصناعة والتجارة نجحت في إعادة سوق “الشهداء” بالكامل، وتعمل حاليًا بشكل تدريجي لعودة الأسواق للعمل، مع مطالبة المالكين بترميم محالهم التجارية.
وتشهد الأسواق عودة تدريجية، حيث رصدت الغرفة عودة 30 محلًا تجاريًا في شارعي القوتلي وهنانو خلال الشهر الماضي.
وقال الباحث الاقتصادي عبد الحكيم المصري، لعنب بلدي، إنه يجب تشجيع البيئة الاستثمارية في هذه الأسواق وتحويل الممتلكات العامة الوقفية إلى محال تجارية و”مولات” وعرضها للاستثمار بأجور مشجعة.
الأسواق العشوائيةيعود نشوء الأسواق العشوائية إلى أن السوق الرئيسة في مدينة درعا كانت ساحة معارك خلال سنوات الثورة، مما دفع النظام السابق إلى نقل الأسواق التجارية وعيادات الأطباء والمحامين وغيرها من الفعاليات المدنية إلى الأحياء السكنية البعيدة عن أماكن الاشتباكات، مثل حي السبيل والكاشف والبانوراما، وقد مُنح التجار ترخيصًا مؤقتًا يسمح لهم بمزاولة الأعمال التجارية في هذه الأحياء.
ولا يزال هذا الترخيص ساريًا حتى تاريخ إعداد هذا التقرير بعد سقوط نظام الأسد.
عبد الله سويدان، مستثمر في سوق “الحجاز مول”، قال لعنب بلدي، إن الحركة التجارية ستبقى ضعيفة في الأسواق الرئيسة ما لم يلغِ مجلس بلدية مدينة درعا التراخيص المؤقتة.
وذكر أن السكان يتجهون إلى الأسواق العشوائية لقربها من مناطق السكن ورخص الأسعار فيها، إذ تُعتبر القيمة الإيجارية والرسوم أعلى في الأسواق الرئيسة.
وطالب محمد العمري، أمين سر غرفة تجارة وصناعة درعا، مجلس مدينة درعا بإرسال إنذارات للفعاليات التجارية في الأحياء السكنية لإخلاء هذه المناطق، لأن تصنيفها القانوني هو أحياء سكنية.
ونوه إلى ضرورة تفعيل دور النقابات لإلزام الأطباء والمحامين والمهندسين بالعودة لفتح مكاتبهم في السوق الرئيسة، بالإضافة إلى إعادة ترميم البنك التجاري ودوائر الدولة في السوق الرئيسة من أجل استعادة الحركة.
وكذلك ترميم البنك التجاري ومباني الدوائر الحكومية في السوق الرئيسة بهدف إعادة الحياة إلى المنطقة وتشجيع المالكين على تجديد محالهم فيها.
وفي سياق آخر، أعلن صندوق النقد الدولي عن اتفاقه مع سوريا على برنامج مكثف للتعاون خلال المرحلة المقبلة، وذلك خلال زيارة قامت بها بعثة الصندوق الدولي إلى سوريا برئاسة رون فان رودون.
وبحسب بيان نشره الصندوق، في 17 من تشرين الثاني الحالي، فإن الاقتصاد السوري يظهر بوادر تعافٍ، وتمكنت الحكومة السورية، رغم التحديات العديدة التي تواجهها، من اعتماد سياسة مالية ونقدية صارمة بهدف الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي والمال.
مرتبط
إقرأ المزيد


