محافظ حمص يتعهد بالمحاسبة بعد “تجنب الفتنة”
عنب بلدي -

تعيش مدينة حمص منذ مساء أمس حالة استنفار أمني، عقب مقتل زوجين من قبيلة بني خالد في بلدة زيدل بريف حمص، في حادثة تحولت خلال ساعات إلى توتر امتد إلى عدد من الأحياء داخل المدينة، قبل أن يتخذ الأمن الداخلي والجيش السوري سلسلة من الإجراءات لاحتواء الموقف ومنع انزلاقه إلى فتنة أوسع.

مصدر في شرطة حمص، قال لعنب بلدي، إن الأوضاع الميدانية مستقرة في المحافظة، وجرى ضبط الانفلات الذي بدأ أمس الأحد بعد حادثة قتل الزوجين.

وقدّم محافظ مدينة حمص، عبد الرحمن الأعمى، اليوم الاثنين 24 من تشرين الثاني، تعازيه لذوي الضحيتين في كلمة مرئية موجهة إلى أهالي حمص، مؤكدًا أن ما جرى “جريمة مؤلمة حاول مرتكبوها تحويلها إلى شرارة فتنة تضرب أمن المدينة”.

وأضاف أن حمص “ليست المكان الذي يختبر فيه الاستقرار”، وأنها “أسقطت كل رهانات الفوضى منذ التحرير وحتى اليوم بوعي أهلها”.

وأشار المحافظ إلى أن أي اهتزاز في حمص ينعكس على سوريا كلها “فهي عقدة الوصل بين الشمال والجنوب والشرق والغرب”، داعيًا الأهالي إلى التماسك والوقوف إلى جانب قوى الأمن والجيش لمنع استغلال الحادثة.

وأكد أن “الجناة سيلاحقون ويحاسبون”، وأن حمص “ستبقى قوية بأبنائها، عصية على كل من يريد العبث بأمنها”.

وكانت محافظة حمص عقدت اجتماعًا بهدف منع التصعيد، ضم قيادات من الجيش العربي السوري، ومسؤولين من المحافظة، وممثلين عن عشائر حمص، إضافة إلى مدير الأوقاف ومفتي المدينة.

وتم التأكيد خلال الاجتماع على ضرورة “تضافر الجهود الرسمية والمجتمعية للحفاظ على أمن حمص”، وتشجيع الحوار وطمأنة الأهالي.

وفي كلمة مرئية موجهة للأهالي، قال مفتي حمص، الشيخ سهل جنيد، إن المدينة تعيش “حزنًا ودمعتين، دمعة على مظلومين قتلا غدرًا، ودمعة رجاء بأن يجعل الله البلاد آمنة مطمئنة”.

وأشار إلى أن “المجرمين خططوا لإشعال فتنة”، مؤكدًا أن سوريا “لن تُقاد بالحقد بل بالعدل”، وأن الأمن والجيش “سيقتصّان من الظالمين”.

وقالت محافظة حمص إنها رصدت صفحات خارجية “تحرض على تأجيج الشارع”، مشيرة إلى رفع تقارير للجهات المختصة. كما تولت إدارة الإعلام والتواصل الحكومي الرد على الشائعات المتداولة عبر منصات التواصل.

إجراءات أمنية مشددة

محافظة حمص نشرت اليوم إحاطة ميدانية للأحداث التي بدأت أمس الأحد، وقالت إن قوى الأمن الداخلي طوقت مكان الجريمة في قرية زيدل وفتحت تحقيقًا موسعًا، بالتزامن مع استقدام تعزيزات وانتشار وحدات إضافية في الأحياء التي شهدت توترًا.

كما مُنع وصول التجمعات إلى المناطق المتضررة، وجرى فتح قنوات اتصال “ساخنة” مع الوجهاء والأعيان لاحتواء الموقف.

وقال قائد شرطة محافظة حمص اليوم، بلال الأسود، لقناة “الإخبارية” الحكومية، إن كل الأدلة تشير إلى أن الجريمة المرتكبة في بلدة زيدل جنائية وليست طائفية أو ثأرية.

وأوضح الأسود أن موقف العشائر مشرّف وملتزم بقرارات الدولة، ومساند للأجهزة الأمنية على الأرض، وأن شرطة حمص نشرت قوات كافية لضبط الأمن وإعادة الاستقرار إلى المدينة.

وقد تم تمديد حظر التجوال ليلًا في مناطق محددة، لمنع انتشار الفوضى والفتن في المدينة، بحسب الأسود.

المتحدث باسم وزارة الداخلية، نور الدين البابا، قال خلال مؤتمر صحفي من حمص إن الجريمة خلفت جرائم شغب وستتم محاسبة المتورطين فيها، وقد تم إيقاف 120 شخصًا متهمين بتنفيذ انتهاكات.

وأضاف البابا أن الدولة ترفض انتشار السلاح المنفلت وتعمل عبر المجالس والمؤسسات للسيطرة على انتشار السلاح ووضعه بيد الدولة ومؤسساتها الرسمية.

وعقدت المحافظة اجتماعًا طارئًا لرفع الجاهزية وتقييم الأضرار، تخلله اتخاذ قرارات أبرزها:

  • تعطيل المدارس في مدينة حمص ليوم الاثنين.
  • رفع جاهزية القطاع الصحي والطوارئ في المشافي والإسعاف.
  • تكليف مجلس المدينة والبلديات بإزالة آثار الشغب والحرق وتنظيف الشوارع.

وتستمر الفرق الميدانية، وفق المحافظة، في التقييم وتقديم الدعم اللازم “حتى استكمال معالجة آثار الأحداث”.

وأعلنت مديرية الطوارئ والكوارث في الدفاع المدني عن السيطرة الكاملة على جميع الحرائق التي اندلعت خلال التوترات.

وأفادت محافظة حمص فأفادت بأن الأضرار المادية توزعت على: 19 منزلًا، 21 محلًا تجاريًا، و29 سيارة متضررة.

صحة حمص: 18 إصابة معظمها مستقرة

مدير صحة حمص، الدكتور عبد الكريم غالي، أوضح أن مشافي المدينة استقبلت جثتي الضحيتين: عبد الله العبود الناصر الخالدي وزوجته، الذين قُتلا في قرية زيدل، إضافة إلى 18 إصابة ناجمة بمعظمها عن إطلاق نار عشوائي، إلى جانب إصابات مرورية.

وأكد أن “معظم الإصابات في حالة مستقرة، مع وجود إصابة واحدة حرجة واحدة”.

وقال مدير مشفى الزهراء في حمص، عامر سيفو، إن العديد من الشائعات تم تداولها خلال الساعات الماضية حول الأحداث، بما في ذلك أحاديث عن “عدد كبير من الجثث في الشوارع” و“هجوم أو محاصرة للمستشفى”، مؤكدًا نفيها بشكل قاطع.

وأوضح أن عدد الجرحى الذين وصلوا إلى المشفى بلغ 18 مصابًا، تم تخريج معظمهم بعد تلقي العلاج اللازم، في حين بقيت ثلاث حالات فقط قيد المتابعة، وجميعها ناتجة عن إصابات بطلق ناري.

وذكر أن الإصابات الثلاث توزعت على: إصابة في البطن تحت المراقبة الطبية، أخرى في الركبة، وثالثة في الربلة (عضلة الساق)، مؤكدًا أن الوضع الصحي للجرحى “مستقر”.

وأشار إلى أن التعامل مع الحالات تم “بوتيرة عالية وسريعة”، بفضل تعاون الكادر الطبي ومنظومة الإسعاف السريع ومديرية الصحة والهلال الأحمر، ما ساهم بتجاوز المرحلة الحرجة في وقت قصير.

وتوجّه وفد من محافظة حمص اليوم برئاسة الأمين العام للمحافظة، فراس طيارة، إلى ذوي الضحايا لتقديم العزاء، مؤكدًا تضامن المحافظة واستمرار التحقيقات “بإشراف الجهات المختصة حتى الوصول إلى الحقيقة ومحاسبة الفاعلين”.

أرقام للطوارئ

وخصصت إدارة الأمن الداخلي أرقامًا مخصصة للإبلاغ عن الحالات الطارئة:

  • الرقم الأرضي الثلاثي: 130

عمليات الأمن الداخلي:

  • واتساب: 0935339162
  • تلغرام: @info_Homs1

عمليات الشرطة:

  • واتساب: 0930146423
  • تلغرام: @info_Homs2
ماذا حدث؟

عثرت قوات الأمن الداخلي على رجل وزوجته مقتولين داخل منزلهما، مع وجود شعارات طائفية بدم المجني عليهما، في بلدة زيدل جنوب مدينة حمص، في 23 من تشرين الثاني.

قائد الأمن الداخلي في محافظة حمص، مرهف النعسان، قال إن البلدة شهدت جريمة قتل، بحق رجل وزوجته داخل منزلهما، وحرق جثة الزوجة، كما وجدت في موقع الجريمة عبارات تحمل طابعًا طائفيًا، ما يشير إلى محاولة لبث الفتنة بين الأهالي.

وباشرت الجهات المختصة فور تلقي البلاغ، جميع الإجراءات القانونية اللازمة، بما في ذلك تطويق مكان الحادث، وجمع الأدلة، وفتح تحقيق موسع لكشف ملابسات الجريمة، وتحديد هوية الجناة وملاحقتهم لتقديمهم إلى القضاء المختص.

ونقلت قناة “الإخبارية” الحكومية عن مصدر أمني قوله، إن الجريمة في بلدة زيدل “مركّبة بين القتل ومحاولات إشعال فتنة”، داعيًا الجميع إلى الالتزام بسيادة القانون.

ناشط من مدينة حمص، فضل عدم ذكر اسمه لأسباب أمنية، أفاد عنب بلدي في وقت سابق أن الزوج المقتول من أبناء قبيلة بني خالد، التي تتبع لعشيرة الناصر، الأمر الذي أدى إلى هجوم من قبل أبناء عشائر البدو على أحياء “المهاجرين”، “المضابع”، “الأرمن” في مدينة حمص.

وتسبب الهجوم بخسائر مادية، كحرق وتكسير السيارات، وعمليات نهب، وإشعال النار في الطرقات، وهجوم على المدنيين، كجزء من عملية الانتقام لمقتل الزوجين، وفقًا للناشط.

وأكد الناشط وجود إصابات إثر الهجوم على الأحياء المدنية، مع انقطاع المواصلات بشكل عام في الأحياء، مع تدخل قوى الأمن الداخلي لضبط الموقف، وفرضها حظر تجول في الأحياء التي هُجم عليها.

وأضاف المصدر، “أعدنا الاستقرار إلى المنطقة التي شهدت اضطرابات في مدينة حمص والأهالي قابلوا الانتشار الأمني بارتياح وتعاون”.

وباشرت الأجهزة الأمنية، وفق المصدر، إجراء “تحقيقات مكثفة” لتحديد هوية الفاعلين وملاحقتهم وتقديمهم للقضاء.

عشيرة بني خالد أصدرت بيانًا أدانت فيه الجريمة التي لحقت بالزوجين واصفة إياها بـ”البشعة”.

وطالب البيان الجهات المختصة بـ“القيام بدورها بالكشف عن المجرمين وسوقهم للقضاء لينالوا جزاءهم العادل”، معتبرًا أن استخدام العبارات الاستفزازية في سياق الجريمة يوضح أن الهدف منه هو “إشعال الفتنة وجر المنطقة لتوترات أمنية وأحداث شرخ مجتمعي”.

البيان أعلن الوقوف مع “مسار الدولة وما أعلنت عنه من إجراءات”، حيث نأت القبيلة بنفسها عن جر أبنائها لـ“هذه الفتنة”.

ودعا البيان أبناء محافظة حمص إلى “الالتزام وضبط النفس والامتثال التام لما يصدر من تعميمات عن الجهات المختصة”، مشددًا على ضرورة “الحفاظ على السلم الأهلي وحق الجوار والابتعاد عن التجييش بأشكاله كافية”.

مرتبط



إقرأ المزيد