عنب بلدي - 12/7/2025 7:02:11 PM - GMT (+2 )
عنب بلدي – محمد كاخي
عُزف النشيد السوري “في سبيل المجد” للمرة الأولى بعد سقوط النظام السوري خلال مباراة ودية بكرة القدم بين المنتخب السوري والمنتخب اليمني في 15 من كانون الثاني الماضي. ونشر الاتحاد السوري لكرة القدم عبر حسابه في “إنستجرام” حينها، “عُزف النشيد الوطني للجمهورية العربية السورية في مباراة منتخبنا الوطني تحت 20 عامًا بمواجهة المنتخب اليمني الودية”.
مصدر من الاتحاد الرياضي السوري قال لصحيفة “العربي الجديد”، في 16 من كانون الثاني الماضي، إن النشيد سيُعتمد ابتداء من الآن في جميع الفئات العمرية للمنتخبات الوطنية، وأضاف المصدر أن الاتحاد السوري لكرة القدم أبلغ أيضًا الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) بتغيير النشيد، وقدّم شعارًا جديدًا لكرة القدم السورية.
كتب الشاعر عمر أبو ريشة (1910-1990) نشيد “في سبيل المجد”، ولحّنه الأخوان اللبنانيان أحمد ومحمد فليفل.
واعتمد الثوار على نشيد “في سبيل المجد” بعد انطلاقة الثورة السورية وسيطرتهم على كثير من المناطق، وكانوا يرددونه خلال الاجتماعات واللقاءات الرسمية كنشيد بديل لـ”حماة الديار”.
كان النشيد الوطني واحدًا من الرموز التي حاولت الدول العربية الوليدة استثمارها، في سبيل تعزيز ارتباط المواطنين بدولهم التي كانت بحاجة ماسة إلى تلك الرموز، بغية صهر الفئات والشرائح والطوائف في إطار واحد، ولا سيما في ظل غياب أي تعريف نهائي للهوية الوطنية.
إلا أن هذا الرمز حمل في داخله وعيًا مضطربًا في كثير من الأحيان، بين الحدود التي منحها الاستعمار للدولة الوليدة، والدولة الحلم التي صورتها النخبة العربية في بدايات القرن الماضي، الأمر الذي ظهر عبر التمزق الحاد بين طموح النشيد وأفقه القومي من ناحية، واضطراره للتقوقع داخل مساحة جغرافية، وجد نفسه مرغمًا على تمثيلها من ناحية ثانية.
النشيد الوطني
النشأة، الرمزية، الوظيفة
“نماذج من الأناشيد الوطنية العربية”
دراسة للكاتب الأكاديمي السوري سليمان الطعان
المصدر: “حرمون”
الحاجة إلى نشيد وطني جديديعكس النشيد الوطني تاريخ الدولة، ونضالات أبطالها، ومعتقدات شعبها، وتقاليدها، ويعبر عن الهوية الوطنية، من خلال الإشارة إلى رموز معينة وشخصيات ذات حضور في الذاكرة الجمعية، ومن خلال التغني بعظمة الشعب وكبريائه. ووظيفة النشيد الأساسية هي إثارة الشعور الوطني بين المواطنين، وتذكيرهم بمجد أمتهم، وجمال أرضها، وتعزيز الانتماء إلى الأرض بين المواطنين، على اختلاف أعراقهم وأديانهم ومعتقداتهم، وفق دراسة لـ”المركز العربي لدراسات سوريا المعاصرة”.
في سوريا، وبعد سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد في كانون الأول 2024، وجد الشعب نفسه أمام تحدٍّ جديد في اختيار نشيده الوطني، فلم يعد أحد يريد سماع ترديد نشيد “حماة الديار” الذي ألفه الشاعر خليل مردم بك، ولحنه الأخوان فليفل، وتم اعتماده كنشيد رسمي لسوريا في 1946، أي قبل وصول آل الأسد إلى السلطة في سوريا بعقدين من الزمن.
فبحسب شبان التقتهم عنب بلدي، فإن نشيد “حماة الديار” يذكّرهم بقصف الطائرات، وصور الأسد المخلوع، والحواجز الأمنية للنظام القديم، ولا ضير في استبدال هذا النشيد حتى وإن كان موجودًا من قبل وصول الأسد إلى السلطة.
وفي 19 من تشرين الأول الماضي، التقى الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، مع وزير الثقافة، محمد ياسين الصالح، والشاعر الفلسطيني جهاد الترباني، والشاعر السوري أنس الدغيم، لمناقشة الترتيبات الخاصة بالنشيد الوطني للجمهورية العربية السورية.
عضو اللجنة العليا للانتخابات والكاتب السياسي حسن الدغيم، الذي حضر الجلسة السابقة، كشف لموقع “إندبندنت عربية” أن الرئيس السوري ناقش مع وزير الثقافة والشعراء الوجدانيات والقيم التي ينبغي أن يتضمنها النشيد الجديد لسوريا، سواء من ماضي سوريا أو من حاضرها ومستقبلها، فيختزن التراث ويصافح قيم الحرية والكرامة والعدالة.
النشيد بحاجة إلى مجلس تشريعيوفق المادة “5” من الإعلان الدستوري السوري الصادر في 13 من آذار الماضي، فإن شعار الدولة ونشيدها الوطني يحددان بقانون.
الباحث في مركز “الحوار السوري” نورس العبد الله، قال لعنب بلدي، إن إقرار القوانين، التي من ضمنها قانون نشيد الدولة، هو دور حصري للسلطة التشريعية، باعتبار السلطة التنفيذية لا تملك حق إصدار مراسيم تشريعية بالنظام الرئاسي.
وكانت وزارة التربية والتعليم أصدرت، في 29 من أيلول الماضي، تعميمًا إلى مديريات التربية في المحافظات يقضي بمنع ترديد أي نشيد وطني أو شعار من أي نوع كان في جميع المدارس العامة والخاصة في كل مراحلها التعليمية، إلى حين اعتماد النشيد الوطني وفق الأصول الدستورية والقانونية المقررة.
نشيد في سبيل المجدفي سبيل المجد والأوطان نحيا ونبيد
كلنا ذو همة شماء جبار عنيد
لا تطيق السادة الأحرار أطواق الحديد
إن عيش الذل والإرهاق أولى بالعبيد
لا نهاب الزمن إن سقانا المحن
في سبيل الوطن كم قتيل شهيد؟
هذه أوطاننا مثوى الجدود الأولين
وسماها مهبط الإلهام والوحي الأمين
ورباها جنة فتانة للناظرين
كل شبر من ثراها دونه حبل الوريد
لا نهاب الزمن إن سقانا المحن
في سبيل الوطن كم قتيل شهيد؟
قد صبرنا فإذا بالصبر لا يجدي هدى
وحلمنا فإذا بالحلم يودي للردى
ونهضنا اليوم كالأطواد في وجه العدا
ندفع الضيم ونبني للعلا صرحًا مجيدًا
لا نهاب الزمن إن سقانا المحن
في سبيل الوطن كم قتيل شهيد؟
مرتبط
إقرأ المزيد


