عنب بلدي - 12/31/2025 4:13:30 PM - GMT (+2 )
يجد أهالي دير الزور أنفسهم في مواجهة يومية مع بنية تحتية مُدمرة، ولم تشهد شوارع المدينة وأزقتها الداخلية أي نشاط ترميم منذ سنوات، وهي تتحول إلى مستنقعات طينية ومصائد حقيقية بمجرد هطول المطر.
هذه الحالة تكشف عن عجز إداري وتخطيطي مزمن، وأزمة تتفاقم بعد سنوات من الصراع، حيث يتجاوز الأمر مجرد عيوب في التعبيد تهدد الأمن الاجتماعي، وتشل للحركة الاقتصادية.
وتعاني معظم أحياء دير الزور من مشكلة تصريف مزمنة تتحول إلى ظاهرة مع هطول الامطار، يُطلق الأهالي على هذه الحالة وصف “الغرق في الوحل”.
ويتجلى هذا الأمر بوضوح في شوارع رئيسية وأحياء سكنية مثل الجورة والحميدية والجبيلة والصناعة، وهي من النقاط الأكثر تضررًا، حيث تشهد انتشار برك المياه.
“معركة الطين”محمد الجيجان، موظف في مديرية التربية، قال لعنب بلدي، إن كل صباح، هو “معركة حقيقية” للوصول إلى العمل.
“الأكياس الرملية التي وضعناها أمام مدخل البناية أصبحت جزءًا من المستنقع بدلًا من أن تُنقذنا منه، يضيف الجيجان.
ويتابع، “أنت لا تمشي على الطريق، بل تقفز بين الحفر والكتل الطينية، نصل إلى أعمالنا بثياب ملوثة وأحذية غارقة، وهذا يترك أثرًا نفسيًا عميقًا من الشعور بالمهانة والضيق”.
واعتبر أن هذا ليس حال مدينة يُفترض أنها تعافت جزئيًا من الحرب.
وأشار إلى أن الكوارث المحلية الناتجة عن تآكل البنية التحتية ليست مجرد إزعاج عابر، ولكن هي تكلفة اقتصادية باهظة تُثقل كاهل المواطن المُنهك أصلًا.
ولفت إلى أن الطرق المهترئة والحفر العميقة التي تمتلئ بالماء المُوحل، تُشكل خطرًا مباشرًا على المركبات والممتلكات، وتؤدي إلى تلف مُتسارع في أنظمة التعليق والإطارات وهياكل السيارات.
كما يؤدي الشلل المروري واهتراء الطرقات إلى تأخير وصول البضائع والموظفين، مما يُقلل من كفاءة العمل ويُلحق خسائر مباشرة للتجار والحرفيين.
من جهته، أحمد البدري، سائق تكسي، تحدث إلى عنب بلدي، بنبرة يائسة قائلًا، “مهنتنا أصبحت مغامرة محفوفة بالمخاطر، سيارات الأجرة ترفض المرور في الكثير من الأحياء الشعبية خوفًا من التلف، وخاصة بعد غروب الشمس حيث يصعب رؤية الحفر”.
وأوضح أن الركاب لا يلومونهم، فهم يعلمون طبيعة شوارع مثل طب الجورة أو الصناعة أو العمال أو الحميدية.
وأضاف أنه اضطر للاستدانة مبلغ كبير أنفقه على تبديل (دوزان) ومجموعة من البالونات، وكلها تضررت بسبب هذه الحفر التي تحولت إلى برك عميقة بعد المطر.
وأصبحت فواتير الصيانة مضاعفة، وهي تلتهم نصف الدخل اليومي الذي يحاول البدري كسبه لإعالة عائلته.
“فقدنا القدرة على توفير احتياجاتنا الأساسية بسبب تآكل هذه الطرق”، يضيف البدري، معتبرًا أن المسؤولية تقع على عاتقهم فقط في إصلاح ما يُفسده الإهمال الإداري، وفق وصفه.
ضعف الإمكانياتعلى الرغم من وضوح الكارثة وتكرارها، يبقى صوت الأهالي مُهمشًا إذ أن المشكلة لا تكمن في قلة الإمكانيات فحسب، بل في سوء الإدارة وتغييب الأولويات وغياب خطط الصيانة الهيكلية والجذرية.
الحلول المُطبقة حاليًا لا تتجاوز محاولات “ترقيعية فاشلة” تنهار مع أول هطول للأمطار، مما يُهدر ما يتم صرفه من مبالغ زهيدة بحسب ما قالته فاتن المحمد لعنب بلدي.
اعتراف بالواقعأحد المسؤولين في مجلس مدينة دير الزور، والذي فضل عدم ذكر اسمه، قال لعنب بلدي إن الواقع صعب جدًا، ولا يمكن إنكار حجم الدمار الذي لحق بالبنية التحتية نتيجة سنوات الحرب.
وأضاف المصدر الحكومي أنهم يعملون ضمن إمكانيات محدودة للغاية، فالموارد المتاحة للمحافظة لا تكفي حتى لتغطية احتياجات الصيانة الأساسية لمقطع طريق واحد رئيسي.
وأشار إلى أن هناك نقص حاد في الآليات الثقيلة ومواد التعبيد (الإسفلت)، وكل ما يقومون به حاليًا هو محاولة سد الحفر الأخطر باستخدام مواد بسيطة مثل التراب والبقايا.
بالمقابل، فإن هذه الحلول ليست جذرية ولا تستطيع الصمود أمام عوامل التعرية والمطر، وفق المصدر.
وأضاف أنهم يحتاجون إلى دعم مركزي كبير وخطة طوارئ بميزانية ضخمة لإعادة تأهيل شبكة الطرق بالكامل، وإلا ستبقى الأزمة قائمة.
نشاط البلدية ضعيفعبر صفحتها الرسمية في “فيس بوك”، نشرت بلدية دير الزور أعمال خدمية أنجزتها، واقتصر نشاطها على مد أحد الطرقات بالتراب والبقايا وفتح حفر الصرف الصحي.
من جانبه، أجرى المحافظ أيضًا جولات تفقدية لعدد من المنشآت، بحسب ما نشرته صفحة المحافظة الرسمية، لكن لم تعلن عن إطلاق أي مشروع في المحافظة.
مرتبط
إقرأ المزيد


