إيلاف - 7/3/2025 8:25:29 PM - GMT (+2 )

إيلاف من الرباط: أعاد وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربي، أحمد التوفيق، النقاش حول الفوائد البنكية ومفهوم الربا إلى الواجهة، خلال مشاركته في منتدى الاستقرار المالي الإسلامي، الذي نظمه بنك المغرب ومجلس الخدمات المالية الإسلامية الخميس بالعاصمة الرباط.
وأفاد التوفيق بأن الجدل حول التعامل بالربا أثناء الاقتراض من البنوك، ليس وليد اليوم، بل هو امتداد لصراع طويل بين المرجعيات الفقهية من جهة، والنماذج الاقتصادية الغربية من جهة أخرى. وقال إن "هذا النقاش ظل محاطاً، عبر التاريخ، بصراعات أيديولوجية، خصوصاً في السياق الشرق أوسطي، حيث حوّلت بعض التيارات السياسية نموذج البنوك إلى أداة لمواجهة الغرب، بينما القضية الحقيقية تتعلق بكيفية توظيف المال بشكل عادل ومنصف".
وأوضح الوزير التوفيق أن المغرب "إدراكاً منه لهذه الحساسية، اختار نهجاً خاصاً في التعامل مع المالية التشاركية، يقوم على تأصيل فقهي دقيق وتأطير مؤسساتي صارم، بعيداً عن الشعارات أو الاصطفافات الإيديولوجية". وأضاف أن المسألة لا تتعلق بمجرد تغيير التسمية أو منح طابع ديني للبنوك، بل بتوفير بدائل مالية تحفظ كرامة المواطن وتجنبه الظلم المرتبط ببعض صيغ الإقراض التقليدية".
في سياق ذلك، شدد وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربي أن المجلس العلمي الأعلى، وخصوصاً لجنة الفتوى التابعة له، لعب دوراً حاسماً في ضمان شرعية هذا النموذج، من خلال إصدار 194 رأياً فقهياً يُنظّم منتجات البنوك التشاركية، ويُرسّخ لمقاربة شرعية تنسجم مع مقتضيات النظام البنكي الوطني. وهو ما مكّن، بحسب التوفيق، من تقديم خدمات مالية متوافقة مع أحكام الشريعة، دون المساس بتوازنات السوق أو تعريض المؤسسات المالية للاضطراب.
وحذر الوزير المغربي من مغبة استعمال مصطلح "البنوك الإسلامية"، موضحاً أن هذا التوصيف قد يوحي بأن باقي البنوك العاملة في السوق "غير إسلامية"، وهو ما من شأنه خلق إشكال مجتمعي ومؤسساتي غير مرغوب فيه. وأعلن أن المغرب اعتمد مصطلح "المالية التشاركية" بعناية، لتفادي الأحكام القيمية الملتبسة المرتبطة بمفاهيم "الحلال" و"الحرام".
وذكر التوفيق أن المرحلة الحالية تتطلب تجديد خريطة الطريق للمالية التشاركية، وتطوير خطاب يتسم بالدقة والواقعية، خاصة وأن "المسلم العادي يعتقد أن هذه البنوك تشارك في الربح والخسارة، في حين أن جوهر الفكرة يكمن في رفع الحيف وتحقيق التوازن في المعاملات، باعتبار أن القرض ضرورة حياتية، وليس مجرد آلية تجارية".
وتعكس هذه التصريحات بحسب مختصين في القطاع البنكي شاركوا في المنتدى، توجهاً رسمياً نحو تكريس نموذج مالي بديل، لا يتعارض مع الشريعة، ولا يدخل في منافسة سياسية أو دينية مع النظام البنكي التقليدي، وإنما يسعى إلى توسيع الخيارات أمام المواطنين، ضمن رؤية شاملة للاستقرار المالي والعدالة الاجتماعية.
وأجمع المتدخلون في أشغال المنتدى على ضرورة بلورة تصور جديد لتطوير المالية التشاركية في المغرب، في ظل الطلب المتزايد على هذا النوع من الخدمات، واهتمام شرائح واسعة من المواطنين بوجود بدائل مالية تنسجم مع قناعاتهم، وتتماهى في الوقت نفسه مع متطلبات العصر ومبادئ الحوكمة الرشيدة.
إقرأ المزيد