اتهامات خطيرة.. هل استخدم الجيش السوداني أسلحة كيميائية؟
سكاي نيوز عربية -

تصعيد عسكري مقرون باتهامات خطيرة

تُظهر مؤشرات عديدة أن مساعي التسلح التي يقودها قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان تعكس توجها نحو حرب طويلة الأمد. غير أن الاتهامات الموجهة للجيش باستخدام غاز الكلور خلال عدد من الهجمات أضافت بعدا بالغ الحساسية، نظرا لكون هذا السلاح من المحرمات الدولية.

وزارة الخارجية الأميركية طالبت الحكومة السودانية بشكل واضح بوقف أي استخدام إضافي للأسلحة الكيميائية، والاعتراف بانتهاكاتها، والتعاون الكامل مع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية.

واشنطن أكدت أن إدانتها تستند إلى "أدلة قوية" من مواقع مختلفة في الخرطوم ووسط وغرب السودان.

تحقيقات مستقلة تكشف تفاصيل مرجّحة

تحقيق لقناة "فرانس 24" استخدم أدوات "التحقيق مفتوح المصدر" أظهر أن الجيش السوداني نفذ غارات جوية مستخدما غاز الكلور لاستعادة مصفاة الجيلي الواقعة شمال بحري، والتي كانت تحت سيطرة قوات الدعم السريع.

وبحسب التحقيق، وقعت هذه الهجمات في 5 و13 سبتمبر 2024، وتم التحقق من صحة الفيديوهات والصور بواسطة فريق مختص، بينما أكد خمسة خبراء توافقها مع عمليات إسقاط جوي لبراميل غاز الكلور.

وباعتبار أن الجيش هو الجهة الوحيدة في البلاد التي تمتلك قدرات جوية، باتت الترجيحات تصب في اتجاه مسؤوليته عن هذه الهجمات.

شهادات محلية تعزز الشبهات

لم تقتصر الأدلة على وسط وشمال السودان، بل ظهرت شهادات محلية من منطقتي الكوما ومليط في غرب السودان تفيد بتغيّر لون المياه إلى الوردي بعد غارات للجيش.

كما جمعت فرق ميدانية تابعة لـ"فرانس 24" عينات تربة من تلك المناطق، ما يعيد التركيز على ضرورة التحقق العلمي من آثار ممكنة لاستخدام مواد كيميائية.

ضرورة تحرك دولي شامل

المدير التنفيذي لجمعية الحد من الأسلحة والخبير في الأسلحة الكيميائية، داريل ج. كامبيل، شدد خلال مداخلته على برنامج "التاسعة" عبر سكاي نيوز عربية على أن الضغط لا يجب أن يأتي من الولايات المتحدة وحدها، بل من كل الدول، بما فيها تلك التي تقدم دعما عسكريا للجيش السوداني مثل مصر وروسيا.

وربط الخبير تجربته بما حدث في سوريا خلال العقد الماضي، حيث استخدمت قوات النظام –بدعم روسي– أسلحة كيميائية، قبل أن يواجه الأمر برد دولي واسع. وبناءً عليه، دعا إلى موقف دولي حازم لمنع تكرار هذه السيناريوهات في السودان.

العقوبات الأميركية وحدها ليست كافية

أوضح كامبيل أن العقوبات الأميركية الإضافية لن تكون كافية لمنع استخدام غاز الكلور مرة أخرى، مشيراً إلى أن الوضع يتطلب “رداً دولياً أكبر وأكثر فعالية”. كما لم يستبعد تصعيد واشنطن لإجراءاتها تجاه الحكومة السودانية استناداً إلى ما تملكه من أدلة.

التحدي الأكبر

رغم نشر فيديوهات وصور لبراميل يشتبه بأنها مليئة بالكلور، لا يزال الجيش السوداني ينكرها. وهنا يبرز السؤال: هل سترسل واشنطن لجان تقصي حقائق؟ وكيف ستتعامل إذا رفضت الحكومة السودانية دخول تلك اللجان؟

يرى كامبيل أن مسؤولية التحقق لا تقع على الولايات المتحدة بل على منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، وهي الجهة المعنية بإنفاذ اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية.

وبما أن السودان عضو في الاتفاقية، فهو ملزم بالتعاون. لذلك قد يصدر المجلس التنفيذي للمنظمة قراراً بإرسال فريق مستقل لتقصي الحقائق.

 الدور الروسي ومفاوضات القاعدة البحرية

تم ربط الملف الكيميائي بالمفاوضات الجارية بين روسيا وبورتسودان لإقامة قاعدة بحرية مقابل تزويد الجيش السوداني بأسلحة نوعية. لكن كامبيل نفى أن تمتلك روسيا حق الفيتو داخل منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، مؤكداً أن قراراتها تُتخذ عبر المجلس التنفيذي وليس مجلس الأمن.
مع ذلك، أشار إلى احتمال تصعيد الملف إلى مجلس الأمن إذا تفاقمت الأمور، ما قد يمنح موسكو دوراً أكبر في التعطيل أو الضغط.

أهمية الأدلة وسرعة جمعها

أعاد الخبير التأكيد أن الأدلة الكيميائية يصعب إخفاؤها بالكامل حتى بعد مرور وقت، سواء كانت شهادات سكانية، أو آثاراً كيميائية، أو أعراضاً طبية. لكنه شدد على ضرورة وصول محققي المنظمة بسرعة لضمان سلسلة حيازة أدلة سليمة لا يشوبها تلاعب.

بحسب كامبيل، يرتكب طرفا الصراع في السودان جرائم حرب مروعة، إلا أن استخدام أسلحة كيميائية يمثل "رفعا للحرب إلى مستوى غير مقبول إطلاقا".

لذلك دعا دول العالم إلى التحرك بصوت واحد لإدانة أي استخدام لهذه الأسلحة ومنع تكرارها، مؤكداً أن ما حدث في السودان عام 2024 يجب أن يكون محور تحقيق دولي شفاف وحازم.



إقرأ المزيد